جورج فريدمان - جيوبوليتيكال فيوتشرز نيسان 2023
مقال مترجم بتصرّف
لم يتحقّق هجوم الربيع الذي توعّدت روسيا بشنّه على أوكرانيا، حيث لا زال التوقيت غير معروف، لكنه لا يزال كالـ "جمر تحت الرماد" ويثير تساؤلات كثيرة، خاصّة أنّ الإعلان عن قرار بشنّ هجومٍ ما، لا بدّ من تنفيذه بالسرعة القصوى، لكنّ التأخير يمكن أن يعود إلى عدم قدرة الروس على تحجيم قوة الأوكرانيين القتالية نظراً للأسلحة التي تدفّقت عليهم من حلف الناتو، كما أنّهم أي الروس لم يتمكنوا من إرغام الولايات المتحدة الأميركية على التوقّف عن تزويد أوكرانيا بالأسلحة.
وجدَ الروس أنفسهم عاجزين عن وقف الحرب أو عن تحقيق انتصار حاسم. لذلك، فلا بدّ من أن روسيا ستعمد إلى وضع استراتيجية بديلة. فالإشارات المتكرّرة التي سبق وأبدتها عن إمكانية استخدامها الأسلحة النووية، أو وقف التزاماتها بشأن الحدّ من التسلّح، تبدو منطقيةَ في ظلّ الوضع الراهن.
من هنا تبدو الإشارات المتكررة التي أطلقتها روسيا باحتمال شنّ عملية بأسلحة نووية ضمن استراتيجيتها التي تعتمدها، هو بمثابة تذكير بالسبب الذي من أجله أُطلق عليها في السابق تسمية "أسلحة الرعب". قال فلاديمير لينين يوماً إنّ الهدف من زرع الإرهاب هو بثّ الرعب. ومن الواضح أنّ التهديد بشنّ هجوم نووي يأخذ هذه الاستراتيجية بعين الاعتبار. إنها استراتيجية معقولة، قادرة على تحطيم القدرات المادية والنفسية والأهم المعنوية للعدو.
تتمثّل ميزة هذه الأسلحة بقدرتها على إلحاق خسائر فادحة بالمعدات والأشخاص باستخدام رأس نووي واحد، إذ إنّ رقعة الدمار التي يخلّفها هذا السلاح كبيرة وبكفاءة عالية. ورغم أن الأسلحة النووية لا تحتاج إلى دقةً عالية، إلا أنّها تحتاج لما يمكن تسميته بـ"قابلية البقاء". وقابلية البقاء تشير إلى قدرة هذا السلاح على الوصول إلى هدفه حتى في حالة تعرّضه لإجراءات مضادة من قبل العدو. إن النجاة او قابلية البقاء بالنسبة للسلاح النووي هي اعتبار مهم لفاعليته كرادع، فضلاً عن ضمان إمكانية استخدامه إذا لزم الأمر.
ومع ذلك، فهناك نقاط ضعف تشوب الأسلحة النووية، حيث تبقى عرضة لهجوم محتمل الى حين عملية الاطلاق، منها:
- قيام العدو بالتجسس على المواقع النووية.
- مواقع الإطلاق الثابتة.
- مواقع الإطلاق المتحركة وصعوبة المناورة بسبب حجمها ووزنها الكبير.
من وجهة نظر روسيا، فإن الضربة النووية تخلق المزيد من المشاكل بدلاً من الحلول، في حين أن الموقف الدفاعي الأميركي يعتبر ان الموقف الدفاعي خطر بحدّ ذاته. وفي الوقت نفسه، فإن لكل من الجانبين الروسي والأميركي نقاط ضعف في مواقفهما، وبالتالي، يجب على الجانبين خلق بدائل معينة.
خلال سنوات عديدة، لاسيما في الأشهر الأخيرة، عُقدت محادثات ثنائية مفتوحة حيال الصواريخ التي تفوق سرعة الصوت، والتي تسمّى "الفرط صوتية". وتشير عبارة "الصواريخ الفرط صوتية"، إلى الصواريخ التي تتمتع بتوجيه دقيق والتي قد تصل سرعتها إلى 5 ماخ (Mach) أو أكثر، والتي بإمكانها ضرب أهداف بعيدة المدى من شأنها أن تغيّر طبيعة الحرب، بحيث يصعب على الأسلحة النووية التكتيكية أن تشكّل تهديداً في ظلّ الوضع الراهن، حيث أنّ هذا الاحتمال لا يزال مستبعداً.
تؤدي فكرة المناورة بصواريخ فرط صوتية بطبيعة الحال إلى التخطيط لإنشاء أنظمة عالية السرعة قادرة على المناورة، وتشرّع الباب أمام اندلاع حرب من نوع جديد. إلا أنّ الجدل المستمرّ حيال الأنظمة الأقلّ سرعةً نسبياً يُنبئ بأحداث مستقبلية.