على مدى الساعات القليلة الفائتة، انكفأت حرب واشتعلت أخرى. الأولى عسكرية حيث كانت بلدتَي القلَيْلِة-الحنّية في منطقة صور شرارة البداية، عقب إنطلاق عشرات الصواريخ باتجاه الأراضي الفلسطينية المحتلة يوم أمس، لتردّ قوات العدو الإسرائيلي بقصف مدفعي استهدف بعض المناطق الحدودية أولاً، ثم تعاود فجراً قصف محيط مخيم الرشيدية من دون وقوع إصابات. أما الحرب الثانية والتي لا تزال مُشتعلة حتى الساعة، فتتمثّل بردود الفعل بدءاً من كبار المسؤولين وصولاً إلى صغار الناشطين عبر مواقع التواصل الإجتماعي.

القصف الإسرائيلي فجراً

استهدفت قوات العدو الإسرائيلي عند الساعة الرابعة من فجر اليوم، ثلاثة مواقع قريبة من جنوب مدينة صور، أولاً أراضٍ زراعية تبعد 1 كيلومتر عن مخيم الرشيدية وقد أحدثت الضربة اضراراً كبيرة في الجسر والطريق التي تمرّ في الأرض وفي مشروع جرّ المياه التابع لمشروع الليطاني. أما الضّربة الثانية فاستهدفت أرضاً زراعية في القلَيْلة المعلّية وأحدثت فجوة كبيرة في الأرض، فيما استهدفت الضربة الثالثة مزرعة للحيوانات أدت إلى نفوق 6 أغنام وطيور وتضرّر حظيرة الأغنام. . كذلك، أدّى القصف إلى أضرار في محوّل الكهرباء في منطقة رأس العين وفي عبّارة مشروع متفرعة من برك البلدة وأضرار في المنازل والسيارات نتيجة الضغط الناجم من القصف. ونزح عدد من العائلات السورية التي تعمل في الزراعة من منطقة رأس العين إلى مناطق بعيدة من القصف.

 إطلاق الصواريخ

في وقت سابق، عاشت السلطات الإسرائيلية على مدى الساعات الفائتة، حالاً من الإرباك الشديد وقد بدا ذلك واضحاً من ردود الفعل الاسرائيلية (إغلاق المجال الجوي وفتح الملاجئ) وكيفية تعاطي الإعلام العبري مع الحدث والذي وصفه بأنه الأول من نوعه منذ انتهاء حرب تموز-2006، في حين شهدت باحات المسجد الأقصى جولات من المواجهة بين الشرطة الاسرائيلية والمعتكفين داخل المسجد بلغت ذروتها يوم أمس الأول.

من جهته، أفاد الإعلام العبري أمس، بأن القصف الصاروخي على مناطق الشمال تسبّب بإصابة 3 أشخاص، بينما عمل رجال الإطفاء على إخماد النيران التي اندلعت في أماكن متفرقة من المستوطنات.

شكوى إلى مجلس الأمن

أوعز وزير الخارجية والمغتربين في حكومة تصريف الأعمال عبدالله بو حبيب، بعد التشاور مع رئيس مجلس الوزراء نجيب ميقاتي الى بعثة لبنان الدائمة لدى الامم المتحدة في نيويورك، تقديم شكوى رسمية لمجلس الأمن الدولي، "على أثر القصف والإعتداء الاسرائيلي المتعمّد فجر اليوم لمناطق في جنوب لبنان، مما يشكّل إنتهاكاً صارخاً لسيادة لبنان وخرقاً فاضحاً لقرار مجلس الأمن الدولي رقم 1801، ويهدد الإستقرار الذي كان ينعم به الجنوب اللبناني".

ميقاتي

أكد ميقاتي "إدانة لبنان وشجبه لعملية إطلاق الصواريخ من جنوب لبنان"، مشدداً "على أنَّ الجيش وقوات اليونيفيل يكثفان تحقيقاتهما لكشف ملابسات العملية وتوقيف الفاعلين". وشدد على "أن لبنان يرفض مطلقاً اي تصعيد عسكري ينطلق من أرضه واستخدام الأراضي اللبنانية  لتنفيذ عمليات تتسبب بزعزعة الاستقرار القائم". وجدد تأكيد التزام لبنان القرار الأممي 1701، والتنسيق الوطيد بين الجيش واليونيفيل.

وزير الدفاع

اعتبر وزير الدفاع الوطني في حكومة تصريف الأعمال موريس سليم، أن التطور الذي حصل جنوباً "يشكل تهديداً مباشراً للأمن والاستقرار في الجنوب". واذ أكد سليم أن لبنان يلتزم  قرار مجلس الامن الدولي رقم 1701، شدّد على أن "الجيش كان وسيبقى حريصاً على أقصى درجات التعاون مع اليونيفيل واتخاذ الإجراءات المناسبة لضبط الأمن والحفاظ على الإستقرار والهدوء في الجنوب والجهوزية الدائمة للتصدي لأي عدوان".

 وزير الثقافة

غرّد وزير الثقافة في حكومة تصريف الأعمال محمد المرتضى، عبر حسابه على التويتر كاتباً : "لا نسعى الى الحرب، والكلام الرسمي اللبناني الذي صدر بهذا المعنى هو موقفٌ جميل. لكن هذه اللغة لا تجدي نفعاً مع إسرائيل بل يمكن ان تجعلها تُسيء الفهم وتُخطىء التقدير. الموقف الأوضح: أيّ إعتداء على لبنان سوف يجرّ على إسرائيل ويلات لا قدرة لها على إستيعابها. ايّاها والتهوّر".

جعجع

توازياً، وجه رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع، إلى الحكومة اللبنانية عدداً من الأسئلة: أولا: ما هي الموجبات الوطنية التي تحتِّم في هذه اللحظة بالذات إطلاق عشرات الصواريخ من جنوب لبنان باتجاه اسرائيل؟. ثانيا: ماذا سيكون ردّ فعل الحكومة اللبنانية إزاء تعهداتها الالتزام بمندرجات القرار 1701؟ ثالثا: ماذا لو تحطّم لوح زجاجي واحد في منزل مواطن لبناني في الجنوب جراء تبادل الصواريخ والقصف المدفعي، فمن أين ستأتي الحكومة اللبنانية بالأموال اللازمة لإصلاحه؟

 هذا عدا عن السؤال الأساسي والمحوري والملح: هل اجتمعت الحكومة اللبنانية أو اتخذت قرار إطلاق الصواريخ من الجنوب باتجاه إسرائيل؟ إن الحكومة اللبنانية، ولو كانت حكومة تصريف أعمال كما كل الحكومات التي سبقتها في الآونة الأخيرة، تكون بتخليها عن القرار الاستراتيجي للدولة لمصلحة محور الممانعة قد تخلّت عن مسؤوليتها الرئيسية في الحفاظ على أمن الوطن والمواطن. إن المرشح الرئاسي الذي لا يتعهّد بإعادة القرار الاستراتيجي بأكمله إلى الدولة اللبنانية لا يصحّ ان يكون لا مرشحاً ولا رئيساً".

الجميل

في السياق، غرّد رئيس حزب الكتائب اللبنانية النائب سامي الجميل عبر حسابه على التويتر كاتباً: "يبدو أنّ رئيس مجلس النواب اللبناني راضٍ عن استخدام جنوب لبنان كمنصّة لإطلاق اكثر من 60 صاروخ من قبل حماس وتعريض اهله للخطر. فلم نسمع منه شيئاً".

حماس

نددت حركة المقاومة الإسلامية "حماس" في بيان، بـ"العدوان الإسرائيلي على لبنان باستهدافه محيط مدينة صور في جنوب البلاد". وجاء في البيان: "ندين بأشد العبارات العدوان الصهيوني السافر على لبنان باستهدافه محيط مدينة صور فجر اليوم".

الجيش اللبناني

من جهتها، عثرت وحدة من الجيش اللبناني في سهل مرجعيون على راجمة صواريخ في داخلها عدد من الصواريخ التي لم تنطلق، وقد جرى العمل على تفكيكها.

اليونيفيل

صدر عن قيادة اليونيفيل البيان الآتي: "في وقت مبكر من صباح اليوم، أبلغ الجيش الإسرائيلي اليونيفيل أنه سيبدأ الرد المدفعي على إطلاق الصواريخ يوم أمس.

وبعد ذلك مباشرة، سمع أفراد اليونيفيل دوي انفجارات في محيط مدينة صور.

إنّ رئيس بعثة اليونيفيل وقائدها العام اللواء أرولدو لازارو على اتصال مع السلطات على جانبي الخط الأزرق. كما أنّ آليات الاتصال والتنسيق لدينا منخرطة بشكل كامل من أجل التهدئه، وقال ان الجانبين لا يريدان الحرب".

أضاف البيان: "أنَّ الإجراءات التي تمّت خلال اليوم الماضي خطيرة وتنذر بتصعيد خطير"، فيما حضّ "جميع الأطراف على وقف كل أعمال التصعيد عبر الخط الأزرق الآن".