الصفا نيوز
"أعلنها وبكل شجاعة بعدم السير بالعقد واعتباره وكأنه غير موجود"، بهذه الكلمات أنهى وزير الأشغال العامة في حكومة تصريف الأعمال علي حمية جدلاً استمر لأكثر من 10 أيام حول إنشاء مبنى جديد لاستقبال المسافرين في مطار بيروت الدولي.
القضية بدأت من السراي الحكومي وبشكل أشبه بالمفاجأة، حين أعلن حمية يوم 21 آذار الفائت، عن تمويل وتصميم وتشييد وتجهيز وصيانة وتشغيل المنشآت والمباني واستثمار المبنى الجديد من قبل القطاع الخاص بتكلفة أولية 122 مليون دولار فرش من الخارج من دون أن تدفع الدولة دولاراً واحداً.
وقال حمية الذي كان جالساً على يسار رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، يومها: "سيتم ذلك عبر الشركة اللبنانية للنقل الجوي "لات" هذا فضلاً عن أن شركة "ااد" الايرلندية ستقوم بتشغيل مبنى المسافرين الجديد ليؤمّن هذا المشروع طاقةً استيعابية لنحو 3.2 مليون مسافر بالإضافة إلى أكثر من 500 فرصة عمل مباشرة وأكثر من 2000 غير مباشرة.
https://twitter.com/alihamie_lb/status/1638062405384019969في غضون ذلك، وحيث بات اللبناني مصاباً بداء التوجس من أي صفقة، كثُرت الشبهات حول ما أعلنه حمية خصوصاً وأن الإتفاق مع الشركة الايرلندية أُبرم بالتراضي وفي ظل حكومة تصريف أعمال تعاني من التشكيك بقدرتها حول البت بهذا النوع من العقود.
وقد زاد رئيس هيئة الشراء العام جان العلية، الشكوك حول الموضوع عقب تصريحه، "العقد لم يمرّ بالهيئة للنظر فيه"! وبينما كان ينتظر قرار ديوان المحاسبة لاتخاذ الإجراءات المناسبة، اليوم الخميس، جاء تصريح حمية من مجلس النواب لينهي المشروع و"كأنه غير موجود" وفق تعبيره.
من جهة ثانية فقد ظهرت معلومات وتفاصيل تتحدث عن ارتباط شركة "لات" بعدد من الأشخاص الذين يدورون في فلك رئيس مجلس النواب نبيه بري، في حين كثر الحديث في الأيام القليلة الفائتة، عن أن المطار بات أشبه بساحة حرب، تخوض الشركات المتواجدة فيه معاركاً ضارية من أجل بسط السيطرة والنفوذ من قبل مشغليها.
وفي سياق تبسيط الأمور وطرح بعض الاسئلة المشروعة، ماذا يعني تسليم شركة تشغيل مبنى يستقبل 3.2 مليون مسافر سنوياً ولمدة 25 عاماً مقابل 122 مليون دولار، يعني أنها يمكن أن تتقاضى بالسنة الواحدة وكحد أدنى 32 مليون دولار سنوياً اذا تقاضت 10 دولارات من كل مسافر كحد أدنى.
كذلك، يعني الأمر بأن الشركة قادرة على تسديد المبلغ من 4 سنوات تشغيل فقط ويبقى للشركة أن تستفيد نحو 20 عاماً، منطقياً ربما يكون ذلك قانونياً ويدخل إلى الموضوع من ثغرة في قانون الشراء العام، ولكن وطنياً تحوّل الأمر إلى مشكلة تتعلق بموقع المسؤولية وتطبيق القوانين بشفافية وبالحرص على المصلحة العامة في وقت تتطاير فيه اتهامات الفساد في كل صوب ومن دون سند أحياناً، فكيف إذا كانت القضية بهذا الحجم!