أعاد انسداد أفق الأزمة الرئاسية، للمختارة "بيضة القبان"، فمن يُراقب حركة اللقاء الديمقراطي الأخيرة ودعمه المُعلن لقائد الجيش العماد جوزيف عون كأول الاسماء المطروحة بعدما كان قد هاجمه في الفترة الاولى للشغور الرئاسي، يرجح أن درب وصول الأخير إلى بعبدا بات مليئاً بالعقبات لأسباب خارجية وداخلية، ومن كان يعوّل على دور دولي (اللقاء الرباعي الذي سينعقد قريباً في باريس) لحلّ الأزمة وفرض اسم رئيس على القوى الداخلية طال انتظاره، وبات يترقب الاستدارة الجنبلاطية في أي لحظة علَّها تُحدث خرقاً داخلياً في جدار الأزمة.

وعلى مدى عقدين من الزمن تقريباً استطاعت المختارة أن تتمايز بمواقفها وانقلاباتها فبالأمس القريب نُقل عن رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط بأنه لا يفضل وصول العسكر الى الرئاسة، واليوم يدعم عون، إلا أن الثابتة الوحيدة لدى المختارة هي علاقتها برئيس مجلس النواب نبيه بري والتتنسيق معه في كل القضايا والشؤون الصغيرة قبل الكبيرة، في حين لا يخفي بري ومن حوله مساعيهم الرامية لايصال سليمان فرنجية الى بعبدا.

 وفي هذا الإطار تأتي زيارة رئيس كتلة "اللقاء الديمقراطي" النائب تيمور جنبلاط على رأس وفد من اللقاء الصرح البطريركي في بكركي، حيث التقى البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي، وجرى البحث في الاستحقاق الرئاسي والمستجدّات السياسية.

وعقبَ اللقاء، تحدث النائب ناجي السعد قائلاً، "حتى الآن لا إتفاق على إسم معيّن لرئاسة الجمهورية إنما هناك تراتبية بالأسماء، وقائد الجيش العماد جوزيف عون في الصدارة من بين كلّ الأسماء الموجودة، وهذا لا يعني أنه موقف اللقاء الديمقراطي بل هو نتيجة كل الإجتماعات بين الكتل كافة"، مؤكَّداً أنَّه "تمّ طرح 3 أسماء لرئاسة الجمهورية خلال اللقاء وإذا كان هناك من إتفاق كبير على قائد الجيش فسنتوجه إلى تعديل الدستور، علماً أنَّ الراعي لم يعطِ أي إسم، ومن جهته لم يتّخذ موقفاً ولم يُعطِ أولويّة لأيّ إسم وما من مرشّح يحظى بتأييد 65 نائباً حتى الآن".

وخلال عظة الأحد وصف الراعي أصحاب المسؤولية في المؤسسات الدستورية بأنهم أعداء الشعب. معتبراً أن الإحجام عن انتخاب رئيس للجمهورية "هو باب الفلتان والفوضى في حكم المؤسسات". وسأل الراعي في عظته الأخيرة "أين مجلس النواب الذي أضحى هيئة ناخبة، ويحجم عن انتخاب رئيس للجمهورية، قاطعاً من جسم الدولة رأسها؟ ألم يحن الوقت ليجتمع نواب الأمة في المجلس النيابي، ويختاروا الرئيس المناسب والأفضل بالنسبة إلى حاجات البلاد وشعبها؟ وإذ نشجع مبادرة النواب المجتمعين في قاعة المجلس للضغط من أجل انتخاب رئيس، نتمنى أن يكتمل العدد حتى النصاب وتتم العملية الانتخابية. والرئيس المناسب والأفضل هو الذي يُعيد اللبنانيين إلى لبنان مع الإستقرار والإزدهار. ولا يغيب عن بالنا أن تحديات إقليمية ودولية تحاصر لبنان برئيسه وحكومته، فالمنطقة على مفترق أحداث خطيرة للغاية ويصعب التنبؤ بنتائجها وانعكاساتها على لبنان".

وقال الراعي: "من جهتنا نواصل الاتصالات والمساعي للدفع نحو انتخاب رئيس جديد، بالتنسيق الوثيق مع سائر المرجعيات الروحية والسياسية آملين التوافق مع جميع شركائنا في الوطن. فرئيس الجمهورية وإن كان مارونياً ليس للموارنة والمسيحيين فقط، بل لكل اللبنانيين. ونود أن يكون اختياره ثمرة قرار وطني ديمقراطي. فالمرحلة المقبلة هي مرحلة انتشال لبنان من الإنهيار وإعادته إلى ذاته وهويته في نطاق الكيان اللبناني".

من جهة ثانية، أوضح عضو كتلة اللقاء الديمقراطي النائب فيصل الصايغ، في حديث إذاعي، أن "هدف رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط كسر الجمود في الاستحقاق الرئاسي، لذلك طرح أسماء أشخاص مشهود لهم بالنزاهة وذوي خلفيات قانونية، اقتصادية وأمنية تفتح المجال للحديث مع الفريق الآخر والوصول برئيس يمثل كل اللبنانيين".

وشددَّ الصايغ على أن "المطلوب هو رئيس إصلاحيّ يحترم الدستور والطائف ويأخذنا إلى مرحلة جديدة في علاقاتنا مع دول الخليج، لا سيما السعودية وفي الانفتاح على العالم للعودة إلى المنظومة المالية الدولية".

واعتبر أن "المطلوب خطوة متقدمة من حزب الله"، آملاً في أن يلعب رئيس المجلس النيابي نبيه بري دوراً في هذا الإتجاه، مؤكَّداً أن "اجتماع جنبلاط-بري خلال الساعات القليلة المقبلة، يأتي في هذا الإطار لمحاولة إقناع الحزب بفتح المجال لأسماء أخرى للتوصل إلى اتفاق".

ولفت إلى "الإبقاء على ترشيح النائب ميشال معوض إلى حين الوصول إلى الاسم النهائي الذي يمكن الاتفاق عليه"، موضحاً أن "التقدمي الاشتراكي متّفق مع معوّض على الذهاب إلى خيار جديد إذا وُجدت الفرصة".

تبقى الساعات القليلة المقبلة حاسمة لجهة ما سيقوله جنبلاط من عين التينة عقب لقائه بري، وعندها يمكن استشراف عمق الازمة من من قرب انفراجها أو انفجارها.