الصفا

دخلت البلاد بالأمس منعطفاً خطراً بانت ملامحه من خلال حركة احتجاج وقطع طرق متبادل في عدد من المناطق اللبنانية. وتأتي هذه التطورات بعد ساعات على إعلان المحقق العدلي في جريمة تفجير مرفأ بيروت القاضي طارق البيطار عودته على ممارسة مهامه مستهلاً عمله بقررات إخلاء سبيل استتبعها بالإدعاء على 8 أشخاص.

وشملت الإخلاءات كلاً من سليم شبلي متعهد أعمال الصيانة في المرفأ، أحمد الرجب عامل سوري يعمل مع سليم شبلي، ميشال نحول مدير في المرفأ، شفيق مرعي مدير الجمارك سابقاً، وسامي حسين مدير عمليات في المرفأ.

أما التطور الخطر فتمثل بالإدعاء على 8 أشخاص، بينهم مدير عام الأمن العام اللواء عباس ابراهيم ومدير عام أمن الدولة اللواء أنطوان صليبا ورئيس المجلس الأعلى للجمارك العميد أسعد الطفيلي وعضو المجلس الأعلى للجمارك غراسيا القزي، ومدعي عام التمييز القاضي غسان عويدات و القضاة غسان خوري وكارلا شواح وجاد معلوف.

وجاء رد عويدات سريعاً على البيطار في بيان تحت عنوان: حضرة المحقق العدلي المكفوفة يده القاضي طارق البيطار "يدكم مكفوفة بحكم القانون ولم يصدر لغايته أي قرار بقبول أو برفض  ردكم أو نقل أو عدم نقل الدعوى من أمامكم".

[caption id="attachment_2984" align="aligncenter" width="828"] بيان عوديدات رداً على البيطار[/caption]

ولم يتأخر رد الوزير زعيتر الذي كان مشاركاً في جلسة لجنة الإدارة والعدل في مجلس النواب حيث قيل أن سجالاً حاداً وقع على خلفية قرارات البيطار وقل زعيتر بحسب ما نقل عنه قبيل مغادرته الجلسة غاضباً "ما بيعرفوا بالقانون وبدهم يتفلسفوا" وقيل أن زعيتر كان قد وصف البيطار بأنه "مريض".

من جهته ولدى سؤاله عن الموضوع أجاب اللواء عباس ابراهيم: "الموضوع لا يستأهل التعليق. وعندما يصل الإدعاء سنرى".

وكانت مقدمة نشرة أخبار المنار التابعة لحزب الله قد وصفت ما قام به البيطار بأنه "مهزلة قضائية غير مسبوقة تتلاعب بمشاعر الموجوعين وبمصير اللبنانيين".

وانضمت السفارة الأميركية في بيروت إلى السجال الحاصل ونشرت عبر حسابها في تويتر: "نحث السلطات اللبنانية على استكمال تحقيق سريع وشفاف في انفجار المرفأ".

https://twitter.com/usembassybeirut/status/1617799628866613250?s=20&t=Q2VKhj6enkmYoxJKER1jVg

أما الشارع فجاء رده على شكل شارعين قطعتهما الإطارات المشتعلة. أحدهما رفضاً لما صدر عن البيطار، والآخر دعماً له في ما ذهب إليه، بل مطالباً إياه بالذهاب أبعد في هذه القضية.

على صعيد ردود الفعل غرّد رئيس حزب الكتائب اللبنانية سامي الجميل قائلاً: على الجميع ان يتجاوب مع التحقيق ومن لا تقع عليه مسؤولية يجب ألّا يخاف من الذهاب الى القضاء والادلاء بما لديه. زمن الافلات من العقاب يجب أن يتوقف...

https://twitter.com/samygemayel/status/1617597102439424001?s=20&t=fJLC7KBHgdu0XDC6f6HGbw

من جهته قال رئيس التوحيد وئام وهاب في تغريدة له: القاضي بيطار يخالف القانون ويعمم الفوضى تحت شعار تحقيق العدالة .

https://twitter.com/wiamwahhab/status/1617799701889445890?s=20&t=Q2VKhj6enkmYoxJKER1jVg

واعتبر المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان في بيان أصدره أمس: "أن ما يقوم به البيطار تدمير تعسفي وكوميديا تطال قضية المرفأ ودماء شهدائه، والمطلوب إنقاذ العدالة من لعبة الإبتزاز التي يقودها البيطار لأن البلد برميل بارود".

وشهدت مواقع التواصل الاجتماعي ولاسيما تويتر معارك من نوع آخر حيث انقسم اللبنانيون إلى 3 فئات، فئة تدافع عن البيطار وفئة تهاجمه وفئة تراقب وتحلل وكأنها تتابع فيلما على الشاشة الكبيرة أو مباراة رياضية من دون تحيز سوى إلى "اللعب الحلو".

وتم تحديد موعد لجلسات استجواب المدعى عليهم وبينهم الرئيس الأسبق للحكومة حسان دياب والوزيران السابقان غازي زعيتر ونهاد مشنوق في 6 و 8 شباط، طوني صليبا وعباس ابراهيم ١٠ شباط، أسعد طفيلي وغراسيا قزي ١٣ شباط، جودت عويدات وكميل ضاهر ١٥ شباط، قائد الجيش السابق جان قهوجي ١٧ شباط، غسان عويدات وغسان خوري ٢٠ شباط، كارلا شواح وجاد معلوف ٢٢ شباط.

مصادر قضائية معنية قالت إن المواجهة في قصر العدل بين مجلس القضاء الأعلى والنيابة العامة التميزية، وبين الأخيرة والمحققق العدلي فتح على مصراعيه. وتتابع قولها كل ما شهدناه خلال الساعات الماضية لم يكن سوى البداية.

وتتخوف مصادر سياسية من مسار بالغ الدقة بلغه لبنان ينذر بالأسوأ، وقالت إن شهر شباط المقبل قد يحمل معه إن لم تسبقه هزات سياسية ومالية وأمنية. وتتابع المصادر قولها إن أياماً صعبة تنتظر لبنان. وتتوقع المصادر أن تعمّق خطوات البيطار الإنقسام الحاصل على الساحة اللبنانية بشكل كبير، بما يطيح بأي جهد يهدف للتوصل إلى تفاهم حول انتخاب رئيس جديد للجهمورية، كما يهدد جلسات الحكومة المستقيلة التي كان رئيسها نجيب ميقاتي يستعد لوضع جدول أعمالها.