بعد علاقة دامت 130 يوماً داخل "دائرة الكفاءة الحكومية" بين الرئيس الأميركي دونالد ترامب  والملياردير إيلون ماسك، استيقظ العالم ذات صباح على وقع انفجار العلاقة: ماسك غادر البيت الأبيض غاضباً، وبدأ حرباً رقمية شرسة على منصته "إكس" ضد ترامب.

منشوراته الهجومية – والتي وُصفت أحياناً بالقاسية – صوّر فيها الرئيس الأميركي كطاغية لا يؤمن بالقانون أو القيم، وتصدّرت عناوين الصحف العالمية خلال الأسابيع الماضية، قبل أن يفاجئ ماسك المتابعين بتغريدة اعتذار كتب فيها: "لقد تماديت."

الخلاف بين الرجلين لم يجرِ خلف الكواليس، بل اتّخذ طابعاً علنياً صاخباً، كشف فيه ماسك عن تفاصيل محرجة، مدّعياً أن ترامب ما كان ليفوز بانتخابات 2024 لولا تبرعاته السخيّة. وعند مغادرته البيت الأبيض، وصف ماسك مشروع ترامب الضريبي بـ"الفظيع والمقيت"، بل وصل به الأمر إلى المطالبة بعزله عن منصبه.

ولا يمكن إغفال حقيقة أن ماسك كان المتبرع الرئيسي لحملة ترامب الانتخابية، وظهر في مختلف المناسبات الإعلامية كمستشار مقرب له و"يده اليمنى". غير أن صورة التحالف هذه انهارت سريعاً.

نقطة التحوّل جاءت بعد تصريحات ترامب لصحيفة نيويورك بوست، أعرب فيها عن استعداده للمصالحة، قائلاً إنه "خاب أمله قليلاً" مما حدث، لكنه لا يكنّ له "ضغينة شخصية". وأضاف عن ماسك: "أعتقد أنه يشعر بالندم على تصريحاته". ترامب لم يتوقف عند ذلك، بل صعّد هجومه في مقابلة مع NBC، قائلاً إن ماسك "فقد صوابه"، وألحّعلى إمكانية إلغاء عقوده الحكومية التي تقدّر قيمتها بنحو 38 مليار دولار، القسم الأكبر منها لصالح شركة سبيس إكس المتخصصة في التكنولوجيا الفضائية.

وأضاف ترامب: "أرى أن هذا أمر بالغ الخطورة، لأنه لا يحترم أحداً، لا يمكن إهانة منصب الرئاسة بهذا الشكل".

من جانبه، علّق نائب الرئيس الأميركي جاي دي فانس على الأزمة معتبراً أن ماسك "ارتكب خطأً فادحاً" بمهاجمة ترامب، لكنه خفّف من حدّة الأزمة بوصف ماسك بأنه "رجل عاطفي ومحبط". وأضاف: "آمل أن يعود إيلون يوماً ما إلى الفريق، لكن ذلك قد لا يكون ممكناً الآن. لقد أصبح قوياً جداً."

أما في الأوساط الجمهورية، فبرزت دعوات للمصالحة، في حين سعى الديمقراطيون إلى توسيع الهوّة بين الرجلين.

وفي الخلاصة، وعلى الرغم من الاعتذار العلني وبعض الإشارات الدبلوماسية، لا مؤشرات جديّة على عودة إيلون ماسك إلى فريق ترامب في المستقبل القريب، كما أن المصالحة الكاملة لا تزال بعيدة المنال.

أما تداعيات هذا النزاع على ولاية ترامب وعلى مستقبل شركتي تسلا وسبيس إكس، فلن تتضح في المدى القريب، إذ إن الخلاف بين الرجلين أعمق من أن يُمحى سريعاً، وتفاصيل شراكتهما القصيرة لا تزال بحاجة إلى وقت طويل قبل أن تُطوى.