عبارة تعود إلى القرن الثامن عشر وتخفي مأساة أليمة ما كان يجب أن تحصل.

تُعَدّ عبارة "النساء أولاً – Ladies First" من أكثر العبارات استخداماً في المجاملات اليومية، سواء عند الدخول من الأبواب أو تقديم الأطعمة أو حتى في أبسط تصرّفات الحياة اليومية. غالباً ما تُعتبر هذه العبارة علامة على التهذيب واللياقة والرقيّ والاحترام، دون أن ندرك أن خلف هذه الكلمات اللطيفة قصّة مأساويّة منسيّة حصلت في القرن الثامن عشر، وانتهت بعبارة تُقال اليوم لياقةً واحتراماً للعنصر النسائي.

تبدأ الحكاية في إحدى المدن الأوروبية، حيث وقع شاب ثري في حب فتاة فقيرة. كان حبّاً صادقاً، لكنه اصطدم بجدار التقاليد والعائلة والنظرة الطبقية التي كانت تسود المجتمعات آنذاك، وقد رفضت عائلة الشاب هذا الزواج بشدّة، ليس لأن الفتاة سيئة بل لأنها ببساطة ليست من نفس المستوى الاجتماعي للشاب ولا تملك إرثاً ولا مكانة.

بعد محاولات عديدة قام بها الشاب لإقناع أبيه بصوابيّة ما سيقوم به، أصرّ الأب على رفض الفكرة من أساسها، وباءت جميع محاولات الشاب بالفشل، فقرّر العاشقان الهروب من هذا الواقع، واتفقا على الانتحار معاً، حيث أن هذه العادات لم تكن غريبة عن الحب الرومانسي في ذلك العصر.

وقف العاشقان سوياً على حافة منحدر شاهق، نظر إليها الشاب وقال: "لنَمُت سويّاً"، لكنه لم يكن يعلم أن هذه اللحظة ستكون نهاية قصّة عشقه ونهاية حياته.

اتفق مع حبيبته على لحظة القفز، وأغمض عينيه وقذف بجسده إلى الهاوية. لكن حبيبته تردّدت وخافت ولم تقفز وعادت أدراجها من حيث أتت.

عَلِم الجميع بقصة العشيقان، وبأن الفتاة لم تنتحر بل تزوجت برجل آخر. ومنذ ذلك الحين اعتاد الناس على قول "النساء أولاً"، لا لياقةً أو احتراماً، بل خوفاً وتحسباً من غدر اللحظة الأخيرة.

ومع مرور الوقت، تلاشت تفاصيل هذه القصة، وبقيت العبارة فقط، وتحوّلت من سخريّة مريرة إلى مجاملة اجتماعية، ثم أصبحت قاعدة سلوكية في كل المجتمعات الغربية، ومن ثم في العالم بأسره.

تمّ نسيان الحكاية وبقيت العبارة التي أصبحت مع مرور الزمن عنواناً للرقي والاحترام. لكن خلف كل مجاملة تقال اليوم، يختبئ ظلّ شاب أحب بصدق وضحّى بكل شيء ودفع الثمن وحده.

من الناحية التاريخية، هذه القصة يمكن أن تكون أسطورة، تتناقلُها الشعوب كحكاية شعبيّة، لكنها مع ذلك، تُلقي الضوء على الطريقة التي تتحوّل بها التراجيديات إلى عادات، والمآسي إلى سلوكيّات يوميّة.

وهكذا، كلما قُْلتْ "النساء أولاً"، تذكّر أن الكلمات ليست دوماً بريئة ... فقد وُلدَت من رَحم قصةٍ كان أبطالها اثنين، لكن نهايتها كتبها واحد فقط.