استأنفت الحكومة الصينية العمل في مشروع بناء الكونسرفاتوار الوطني الجديد في منطقة ضبية، بعد سنوات من التوقف نتيجة الأزمات الصحية والأمنية التي عصفت بالبلاد والمنطقة. ويُعد هذا المشروع من أبرز المبادرات الثقافية التي تنفذها الصين في لبنان، إذ من المتوقع أن يصبح الكونسرفاتوار الجديد الأكبر من نوعه في لبنان والشرق الأوسط.
يعود تاريخ إطلاق هذا المشروع إلى عام 2019، حين تم توقيع اتفاقية تمويله وتنفيذه بين الحكومة الصينية والجانب اللبناني، في إطار تعزيز العلاقات الثقافية والتبادل الفني بين البلدين. غير أن ظروفًا استثنائية حالت دون استكماله في الوقت المحدد، إذ تعرض المشروع لأول انتكاسة مع تفشي جائحة كورونا التي أدت إلى إغلاق شامل وتعليق معظم الأنشطة الإنشائية في لبنان والعالم. وبعد انحسار تداعيات الوباء، تلقى المشروع ضربة أخرى مع تصاعد الأوضاع الأمنية في لبنان والحرب التي استهدفت البلاد، ما أدى إلى توقف الأعمال مجددًا.
ومع عودة الاستقرار النسبي واستئناف المشاريع الإنمائية، قررت الصين إعادة إطلاق ورشة العمل في الكونسرفاتوار، في خطوة تعكس التزامها بدعم القطاع الثقافي اللبناني وتطوير بناه التحتية. ومن المتوقع أن يكتمل المشروع في الأشهر القليلة المقبلة، على أن يُفتتح رسميًا مطلع العام المقبل.
وسيضم الكونسرفاتوار الجديد قاعة رئيسية تتسع لنحو 1200 شخص، ما يجعله من أضخم المسارح الموسيقية في لبنان والمنطقة، إلى جانب مبنى مكوّن من 8 طوابق يحتوي على عشرات الغرف المخصصة للتعليم العالي في مجالات الموسيقى والعزف والغناء. سيتضمن أيضًا استوديوهات متطورة لتسجيل الأعمال الفنية، ومكتبة موسيقية ضخمة، بالإضافة إلى مسرح مخصص للعروض الطلابية والفعاليات الثقافية.
ولا تقتصر أهمية المشروع على حجمه وإمكانياته التقنية، بل تتعداها إلى دوره المحوري في دعم التعليم الموسيقي في لبنان وتوفير بيئة مهنية للطلاب والفنانين على حد سواء. كما يُرتقب أن يشكل الكونسرفاتوار منصة لاستقطاب عروض موسيقية محلية وعالمية، ما يعزز موقع لبنان كمركز ثقافي في المنطقة رغم التحديات التي يواجهها.
كذلك، يأمل القائمون على المشروع أن يشكل افتتاح الكونسرفاتوار الوطني الجديد بداية مرحلة جديدة للمشهد الموسيقي في لبنان، تفتح آفاقًا واسعة أمام المواهب الصاعدة وتعيد للبنان مكانته الثقافية الرائدة في المنطقة.